خيار الشرط
الشرْط : - بسكون الراء - معناه اللغوي : إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه , والجمع شروط . وبفتحها : العلامة , والجمع أشراط , والاشتراط : العلامة يجعلها الناس بينهم .
أما في الاصطلاح: ما يثبت ( بالاشتراط ) لأحد المتعاقدين من الاختيار بين الإمضاء والفسخ .
صورته : أن يقول أحدهما : أريد خياراً ثلاثة أيام مثلاً لإتمام الصفقة لهذه السلعة ، فإن غيرت رأيي انحل العقد ، وقد يطلب هذا الشرط البائع ، وقد يطلبه المشتري ، أو كلاهما .
حكمه :
مدة خيار الشرط :
اتفق الفقهاء رحمهم الله على أن البيع بخيار ثلاثة أيام بلياليها جائز سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما .
واختلفوا في الزيادة على ثلاثة أيام إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول :
لا تجوز الزيادة على ثلاثة أيام سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما ، وهو قول أبي حنيفة والمذهب عند الشافعية .
أدلة أصحاب هذا القول :
1- عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قال من ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ فيها بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إن شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا من تَمْرٍ . ([3])
2- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ قَالَ هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو ([4]) وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَصَابَتْهُ آمَّةٌ ([5]) فِي رَأْسِهِ فَكَسَرَتْ لِسَانَهُ وَكَانَ لَا يَدَعُ عَلَى ذَلِكَ التِّجَارَةَ وَكَانَ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ ([6]) فَأَتَى النَّبِيَّ r فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ([7]) ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا ([8]).
وجه الدلالة : أنه كانت حاجته شديدة ، لأنه كان يغبن فلو جاز الزائد على الثلاث لجوزه النبي r له.
وأجيب بأنه خرج مخرج الغالب ؛ لأن النظر يحصل فيها غالباً.
القول الثاني :
تجوز الزيادة على ثلاثة أيام بقدر الحاجة سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما ، وهو قول المالكية .
أدلة أصحاب هذا القول :
1- أن المفهوم من الخيار : هو اختيار المبيع وإذا كان ذلك وجب أن يكون ذلك محدوداً بزمان إمكان اختيار المبيع وذلك يختلف بحسب كل مبيع .
2- أن هذا الخيار يستحق به الرد فلم يقصر على ثلاثة أيام كخيار الرد بالعيب .
القول الثالث :
تجوز الزيادة على ثلاثة أيام مطلقاً على ما يتفقان عليه من المدة المعلومة سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما ، وهو قول الحنابلة ووجه عند الشافعية وقول الصاحبين .
أدلة أصحاب هذا القول :
1- قوله تعالى ) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ( .
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:” الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ “ ([9])
وجه الدلالة : أن الحديث عام في كل شرط ومنه شرط الخيار في البيع ، فوجب الوفاء به .
3- عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r : " قال الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ على صَاحِبِهِ ما لم يَتَفَرَّقَا إلا بَيْعَ الْخِيَارِ " ([10])
وجه الدلالة : أن النبي r أطلق ولم يشترط مدة معينة .
القول الراجح :
الذي يظهر رجحانه والله تعالى أعلم :هو القول بجواز الزيادة على ثلاثة أيام إذا كانت المدة معلومة وإن طالت .
ويجب أن يكون اشتراط هذا الشرط ، في صلب العقد ، أو في مدة خيار المجلس ، ولا يصح بعد لزوم العقد.
تحديد ابتداء مدة خيار الشرط إذا اجتمع معه خيار المجلس .
اختلف الفقهاء رحمهم الله في ذلك على قولين :
القول الأول :
إن ابتداء خيار الشرط من وقت العقد ، ويكون خيار المجلس داخلاً فيه ، وهو الأصح عند الشافعية ، والمذهب عند الحنابلة .
أدلة أصحاب هذا القول :
1- أنها مدة ملحقة بالعقد ، فاعتبر ابتداؤها من حين العقد كالأجل .
2- أنه لو اعتبر من حين التفرق صار أول مدة الخيار مجهولاً ؛لأنه لا يعـلم متى يفترقان .
3- أن الاشتراط سبب ثبوت الخيار ، فيجب أن يتعقبه حكمه كالملك في البيع.
القول الثاني :
إن ابتداء خيار الشرط من حين انقطـاع خيار المجلس ، وهو وجه عند الشافعية ووجه عند الحنابلة .
أدلة أصحاب هذا القول :
1- أن ما قبل التفرق الخيار ثابت فيه بالشرع ، فلا يثبت فيه بشرط الخيار
ونوقش : بأنه لا يمنع ثبوت الحكم بسببين ، كتحريم الوطء بالصيام والإحرام .
2- أن خيار المجلس مستفاد بالشرع ، وخيار الثلاث مستفاد بالشرط ، وإذا كان موجبهما مختلفاً تميزا ولم يتداخلا .
3- أن زمان المجلس بمنزلة زمان العقد ، بدليل أنهما لو زادا في الثمن في المجلس لحقت الزيادة بالعقد كما لو زادا في حال العقد ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون ابتداء الخيار عقيب التفرق .
القول الراجح :
الذي يظهر رجحانه والله تعالى أعلم :هو القول بأن ابتداء خيار الشرط من وقت العقد ويكون خيار المجلس داخلاً فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق