مواضيع المدونة

أخبار العربية

الخميس، 12 أبريل 2012

علة الربا عند الحنفية


مذهب الحنفية :
أولاً : علة تحريم ربا الفضل عند الحنفية هي :الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس .
وعلة تحريم ربا النسيئة عند الحنفية هي : وجود أحدهما أي القدر أو الجنس.

وذكر ابن عابدين أنه يصح بيع المكيل بالموزون ولا يصح بيع الموزون بالموزون إلا في السلم .
والمراد بالقدر : أي الكيل ([1]) أو الوزن ([2]) .
أما الجنس : فهو الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها .
والنوع : الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها.
الفرق بين الجنس والنوع : أن ما صح أن يخبر به عن الآخر دون العكس، فالذي يخبر به هو الجنس وما لا يخبر به هو النوع .
تقول : ( البر حب ) حب : جنس ؛ لأنه يصلح أن يخبر به عن ( البر ).
ولو قلت : ( الحب بر ) هذا خطأ لا يصح الإخبار به ؛ لأن هناك حباً ليس براً كالشعير مثلاً .
تقول : ( الذهب نقد ) نقد : جنس . ولو قلت : ( النقد ذهب ) خطأ ؛ لأن النقد فيه ذهب وفضة .
تقول ( العجوة تمر ) ( التمر ) حنس ، ( التمر عجوة ) لا يصح .وهكذا
وقد يكون النوع جنساً بالنسبة إلى ما تحته , نوعاً بالنسبة إلى ما فوقه , والمراد هنا ; الجنس الأخص , والنوع الأخص ([3]). فكل نوعين اجتمعا في اسم خاص , فهما جنس , كأنواع التمر , وأنواع الحنطة . فالتمور كلها جنس واحد ; لأن الاسم الخاص يجمعها , وهو التمر , وإن كثرت أنواعه , كالبرني , والمعقلي , والإبراهيمي , والسكري وغيرها.
قالوا : ولا يعتبر الوصف في العلة لما يأتي :
1- أنه لا يعد تفاوتاً عرفاً .
2- أن في اعتباره سد باب البياعات .
3- قوله r: جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ  ([4])
وعليه فإن الأموال القيمية كالحيوان والدور والملابس ونحوها التي لا تباع بالقدر- أي بالكيل أو الوزن -  لا يجري فيها الربا عندهم .
ومما يدل على أن العلة هي : القدر مع الجنس ما يأتي :
1- عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنْ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لَا تَفْعَلُوا وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ “ .([5])
قوله r:”وكذلك الميزان“ أراد به الموزون مطلقاً من غير فصل بين المطعوم وغير المطعوم.
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : ” لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ ‑ وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا ‑  فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الْفَرَسَ بِالْأَفْرَاسِ وَالنَّجِيبَةَ بِالْإِبِلِ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ “ ([6])
دل الحديث على أن كل ما يوضع في الصاع ونحوه يجري فيه الربا ولو لم يكن مطعوماً.
3- عن أنس t أن النبي r قال:” مَا وُزِنَ مِثْلًا بِمِثْلٍ إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا , وَمَا كِيلَ مِثْلًا بِمِثْلٍ إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا “ ([7]) .
4- عن عمار بن ياسر t أنه قال: ” الْعَبْدُ خَيْرٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ , وَالثَّوْبُ خَيْرٌ مِنْ الثَّوْبَيْنِ . فَمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ , إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسَاءِ , إلَّا مَا كِيلَ أَوْ  وُزِنَ “. ([8])
5- لأن قضية البيع المساواة والمؤثر في تحقيقها الكيل والوزن والجنس فإن الوزن أو الكيل يسوى بينهما صورة والجنس يسوى بينهما معنى فكانا علة.
الخلاصة :
الأصل في البيع الإباحة فإذا وجدا الوصفان الجنس والقدر حرم التفاضل والنساء ؛لوجود العلة وإذا وجد أحدهما وعُدم الآخر حل التفاضل وَحَرُمَ النَّسَاءُ
التطبيق على العلة عند الحنفية :
س1/ ما الحكم إذا بيع المكيل أو الموزون بجنسه مثلاً بمثل يداً بيد ؟
الجواب : جاز البيع فيه لوجود شرط الجواز وهو المماثلة في المعيار فإذا باع صاعاً من التمر بصاع من التمر جاز البيع .
س2/ ما الحكم إذا بيع المكيل أو الموزون بجنسه متفاضلاً ؟
الجواب : عدم جواز البيع لتحقق الربا.
س3/ هل يجوز بيع الجيد بالرديء مما فيه الربا متفاضلاً ؟
الجواب : لا يجوز البيع لتحقق الربا إلا إذا كان مثلا بمثل لإهدار التفاوت في الوصف.
س4/ هل يجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين ؟
الجواب : نعم يجوز لأن المساواة بالمعيار ولم يوجد فلم يتحقق الفضل .
وكذلك ما كان دون نصف الصاع فهو في حكم الحفنة لأنه لا تقدير في الشرع بما دونه.
س5/ هل يجري الربا في المكيل والموزون من غير المطعوم ؟
الجواب : نعم فلو تبايعا مكيلاً أو موزوناً غير مطعوم بجنسه متفاضلاً كالحديد لا يجوز لوجود القدر والجنس 
س6/ ما هو الضابط في الكيل والوزن .
الجواب : أن كل شيء نص رسول الله r على تحريم التفاضل فيه كيلاً فهو مكيل أبدا وإن ترك الناس الكيل فيه كالحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزناً فهو موزون أبدا وإن ترك الناس الوزن فيه مثل الذهب والفضة لأن النص أقوى من العرف والأقوى لا يترك بالأدنى .
وما لم ينص عليه فهو محمول على عادات الناس لأنها دلالة وعن أبي يوسف أنه يعتبر العرف على خلاف المنصوص عليه أيضاً لأن النص على ذلك لمكان العادة فكانت هي المنظور إليها وقد تبدلت .
س/7 هل يجوز بيع حب بدقيقه أو بسويقه([9]) .
الجواب : لا يجوز بيع حب بدقيقه أو بسويقه ؛ لأن بيع الحب بالدقيق بيع للحب بجنسه متفاضلاً , فحرم , كبيع صاع بصاعين ; وذلك لأن الطحن قد فرق أجزاءه , فيحصل في مكياله دون ما يحصل في مكيال الحب , وإن لم يتحقق التفاضل , فقد جهل التماثل , والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل فيما يشترط التماثل فيه , ولذلك لم يجز بيع بعضها ببعض جزافاً , وتساويهما في الوزن لا يلزم منه التساوي في الكيل , والحنطة والدقيق مكيلان ; لأن الأصل الكيل .


([1]) كالمد والصاع والوسق .
([2]) كالغرام والطن .
ويستثنى من ذلك بعض الصور تراجع في كتب الحنفية كقولهم : إذَا أَسْلَمَ النُّقُودَ فِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ ، وَإِنْ جَمَعَهُمَا الْوَزْنُ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّفِقَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْن ، فَإِنَّ الزَّعْفَرَانَ يُوزَنُ بِالْأَمْنَاءِ وَهُوَ مُثَمَّنٌ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ ، وَالنُّقُودُ تُوزَنُ بِالسَّنَجَاتِ وَهُوَ ثَمَنٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ
المن : بالفتح والتشديد جمعه: أمنان ، مكيال سعته رطلان عراقيان ، أو أربعون أستارا ً = . 39 ، 815 غراما ً.
والسنْجَة :سنجة الميزان التي يوزن بها وهي فارسية وعربت والجمع سنجات.ويراد بها العيار
([3]) أي أن المراد في باب الربا الجنس الأخص لا الأعم ، ومثاله : لو بعنا براً بشعير فقد اتفقا في الجنس الأعم وهو الطعام ، لكن يجوز التفاضل بينهما ؛ لأن المراد هنا الجنس الأخص أي أخص الأجناس .
([4]) الهداية شرح البداية (3 /61)
قال الزيلعي : غريب ، ومعناه يؤخذ من إطلاق الأحاديث .
([5]) رواه البخاري ومسلم .
([6]) رواه مالك وأحمد.قال الشيخ أحمد شاكر:إسناده ضعيف. وفي الموسوعة الحديثية أن إسناده ضعيف .
([7]) رواه الدار قطني وإسناده ضعيف .
ويفهم من كلام الشوكاني تصحيح الحديث حيث قال:حديث أنس  أشار إليه في التلخيص ولم يتكلم عليه وفي إسناده الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة.وقد أخرج هذا الحديث البزار أيضاً ويشهد لصحته حديث عبادة المذكور أولاً وغيره من الأحاديث.
([8]) أي فيه ربا الفضل . رواه ابن حزم وصححه الشيخ الألباني .
([9]) السويق : هو الحب المحموس الذي يحمس على النار ثم يطحن، وبعد ذلك يُلت بالماء .

هناك تعليق واحد:

  1. هل هناك فرق شيخنا في علة النساء بين الحنفية والحنابلة

    ردحذف