مواضيع المدونة

أخبار العربية

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

المحاضرة الأولى من مقرر فقه 6

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أما بعد
    فإن فقه المعاملات يعد من أهم الأبواب الفقهية ، وقبل الشروع في بيان فقه المعاملات نشير إلى أهم الضوابط التي ذكرها العلماء للمعاملات المالية ؛ لأن طالب العلم إذا فهم هذه الضوابط فإنه يستطيع بإذن الله أن يعرف حكم غالب المعاملات المالية .

الضابط الأول : الأصل في المعاملات الحل إلا بدليل :
وهذا ما عليه جماهير العلماء رحمهم الله تعالى .
والدليل على هذا الضابط قوله تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ( وهذا يتضمن الإيفاء بكل معاملة وعقد سواء وجدت صورته ولفظه في عهد النبي r أو لم توجد .
 وكذلك قوله تعالى )  لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ( .
ومعنى هذا الضابط: أن أي معاملة جديدة الأصل فيها الحل ما لم تتضمن شيئاً من أسباب فساد المعاملات ، وعلى من يدعي عدم صحة هذه المعاملة أن يبين العلة في ذلك ؛ لأن الأصل في المعاملات الحل . 
الضابط الثاني : الأصل في الشروط في المعاملات الحل إلا بدليل:
ومعنى هذا الضابط: أن أي شرط يشترطه أحد المتعاقدين من الشروط سواء كان شرطاً يقتضيه العقد أو كان شرطاً من مصلحة العقد أو كان شرط وصف أو شرط منفعة ‑  كما سيأتي في تقسم الشروط بإذن الله ‑  فالأصل في ذلك الحل .
الضابط الثالث : منع الظلم :
والظلم في اللغة : وضع الشيء في غير موضعه تعدياً .
وفي الاصطلاح : فعل المحظور وترك المأمور .
والظلم محرم دل على حرمته الكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب فمنه :
1- قوله تعالى : ) إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (.
2- قوله تعالى : ) وَلَا تَرْكَنُوا إلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءٍ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (  .
وأما السنة فمنها :
1- حديث أبي ذر t عن النبي r فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال : ” يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ... “ الحديث ([1])
2- عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : ” مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ “ ([2]).
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قال : ” فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ “ ([3]) .
أما الإجماع : فقد أجمع الفقهاء على تحريم الظلم , قال ابن الجوزي ‑ رحمه الله ‑ : الظلم يشتمل على معصيتين : أخذ مال الغير بغير حق , ومبارزة الرب بالمخالفة , والمعصية فيه أشد من غيرها ؛ لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار , وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب ; لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر , فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ([4]) ظلمات الظلم الظالم , حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً .
الضابط الرابع : منع الغرر والجهالة فيما يقصد:
وسوف يأتي الحديث عنه إن شاء الله في أسباب فساد البيوع ([5]).
 الضابط الخامس :منع الربا :
وسوف يأتي الحديث عنه إن شاء الله في أسباب فساد البيوع. ([6])
الضابط السادس : منع الميسر :
الميسر في اللغة يطلق على عدة معان منها : السهولة ، والغنى إذا كان مأخوذاً من اليسار .
وفي الاصطلاح : كل معاملة يدخل فيها الإنسان وهو إما غارم أو غانم بنسبة كبيرة .
وقد اتفق الفقهاء على تحريم الميسر في الجملة لقوله تعالى : )  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (  .
وجاء النص على الحكمة في تحريم الميسر في قوله تعالى: )  إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (  , كما جاء النص على أن في الميسر إثماً وذلك في قوله تعالى ) يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ( .
ومن السنة ما روى أبو هريرة t قال : قال رسول الله r : ” من حَلَفَ فقال في حَلِفِهِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إلا الله  وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ “ ([7]) .
قال النووي رحمه الله : " قال العلماء: أمر بالصدقة تكفيراً لخطيئته في كلامه بهذه المعصية. قال الخطابي: معناه فليتصدق بمقدار ما أمر أن يقامر به. والصواب الذي عليه المحققون وهو ظاهر الحديث: أنه لا يختص بذلك المقدار بل يتصدق بما تيسر مما ينطلق عليه إسم الصدقة ويؤيده رواية معمر التي ذكرها مسلم فليتصدق بشيء قال القاضي ففي هذا الحديث دلالة لمذهب الجمهور أن العزم على المعصية إذا في القلب كان ذنبا يكتب عليه بخلاف الخاطر الذي لا يستقر في القلب " ([8])
 قال ابن تيمية ‑ رحمه الله ‑ : إن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا ؛ لأنه يشتمل على مفسدتين : مفسدة أكل المال بالحرام , ومفسدة اللهو الحرام , إذ يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع في العداوة والبغضاء , ولهذا حرم الميسر قبل تحريم الربا .
وقال ابن حجر الهيتمي ‑ رحمه الله ‑  : سبب النهي عن الميسر وتعظيم أمره أنه من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله : ) لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ( .
الضابط السابع : الصدق والأمانة :
فيحرم في التجارة جميع أنواع الغش والخداع , وترويج السلعة باليمين الكاذبة . فعن رفاعة بن رافع t
أنه قال : خرجت مع النبي r إلى المصلى , فرأى الناس يتبايعون فقال : ” يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ r وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ
وَبَرَّ وَصَدَقَ “. ([9])
عن أبي ذر t عن النبي r أنه قال : ” ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ([10]) وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ r ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ “ ([11]).
وعن حكيم بن حزام t قال : قال النبي r : ” الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا “([12]).
وقد ذكر الغزالي ‑ رحمه الله – الضابط في ذلك فقال : ألا يحب لأخيه إلا ما يحبه لنفسه فكل ما عومل به شق عليه وثقل على قلبه فلا يعامل به أخاه .فعن أنس t أن النبي r قال : ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ “ ([13]).
الضابط الثامن : سد الذرائع :
السد في اللغة : إغلاق الخلل .
والذريعة : الوسيلة إلى الشيء يقال : تذرع فلان بذريعة أي توسل بها إلى مقصده , والجمع ذرائع .
وفي الاصطلاح : هي الأشياء التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل محظور .
ومعنى سد الذريعة : حسم مادة وسائل الفساد دفعاً لها إذا كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى مفسدة.
ومما يدل على اعتبار قاعدة سد الذرائع ما يلي :
1- قوله تعالى : )  وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ( 
وجه الشاهد : قالوا : نهى تبارك وتعالى عن سب آلهة الكفار لئلا يكون ذلك ذريعة إلى سب الله تعالى .
2- قوله تعالى: )  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا اُنْظُرْنَا ( 
وجه الشاهد : قالوا نهى الله سبحانه عن كلمة (رَاعِنَا) ؛ لئلا يكون ذلك ذريعة لليهود إلى سب النبي r
؛ لأن كلمة (رَاعِنَا) في لغتهم سب للمخاطب .
3- قوله r : ”  دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك “  ([14]).
4- قوله r : ” إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى
الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ “ ([15]).
5- قال ابن رشد : إن أبواب الذرائع في الكتاب والسنة يطول ذكرها ولا يمكن حصرها .
6- إن إباحة الوسائل إلى الشيء المحرم المفضية إليه نقض للتحريم , وإغراء للنفوس به , وحكمة الشارع وعلمه يأبى ذلك كل الإباء , بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك , فإن أحدهم لو منع جنده أو رعيته من شيء , ثم أباح لهم الطرق والوسائل إليه , لعد متناقضاً , ولحصل من جنده ورعيته خلاف مقصوده . وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه , وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه .
وقد قسم القرافي : الذرائع إلى الفساد ثلاثة أقسام :
1- قسم أجمعت الأمة على سده ومنعه وحسمه , كحفر الآبار في طرق المسلمين , فإنه وسيلة إلى إهلاكهم فيها , وكذلك إلقاء السم في أطعمتهم , وسب الأصنام عند من كان من أهلها , ويعلم من حاله أنه يسب الله تعالى عند سبها .

وضابطه : ما كان أداؤه إلى المفسدة قطعياً , فلا خلاف في أنه يسد .

2- قسم أجمعت الأمة على عدم منعه , وأنه ذريعة لا تسد , ووسيلة لا تحسم , كالمنع من زراعة العنب خشية أن تعصر منه الخمر فإنه لم يقل به أحد , وكالمنع من المجاورة في البيوت خشية الزنى .
وضابطه : ما كان أداؤه إلى المفسدة قليلاً أو نادراً ، فلا خلاف في أنه لا يسد.
3- قسم اختلف فيه العلماء هل يسد أم لا .
وهو ما كان أداؤه إلى المفسدة كثيراً لكنه ليس غالباً , فهذا موضع الخلاف . والخلاف من ذلك جار في غير ما ورد في الكتاب والسنة سده من الذرائع , أما ما جاء النص بسده منها في النصوص الشرعية الثابتة فلا خلاف في الأخذ بذلك , كالنهي عن سب  آلهة المشركين لئلا يسبوا الله تعالى , وكالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها . وإنما الخلاف في جواز حكم المجتهد بتحريم الوسيلة المباحة إن كانت تفضي إلى المفسدة لا على سبيل القطع أو الغلبة.
والذي يظهر رجحانه والله تعالى أعلم هو القول بسد الذرائع ، وقد ذكر ابن القيم ‑ رحمه الله ‑ في كتابه القيم إعلام الموقعين تسعة وتسعين دليلاً على وجوب سد الذرائع المباحة إذا كانت تؤدي إلى محرم وبين رحمه الله أن الذريعة إلى الفساد تسد سواء قصد الفاعل التوصل بها إلى الفساد أو لم يقصد ذلك.
ضوابط سد الذرائع :
1- أن يكون الفعل المأذون فيه مؤدياً إلى الفساد أو إلى مفسدة غالبة .
2- أن تكون المفسدة الناتجة عن فعل المأذون مساوية لمصلحته أو أكثر فإن كانت مصلحة الفعل المأذون أكثر من المفسدة المترتبة على الفعل فإنه لا تسد الذريعة .
فضل التجارة :
التجارة من أفضل طرق الكسب , وأشرفها إذا توقى التاجر طرق الكسب الحرام والتزم بآدابها .
عن رافع بن خديج t قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ قَالَ : ” عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ “ ([16]) .
من آداب التجارة :
1-  السماحة في المعاملة , واستعمال معالي الأخلاق , وترك المشاحة والتضييق على الناس بالمطالبة . والآثار الواردة في ذلك كثيرة , منها حديث جابر بن عبد الله t قال : قال رسول الله r : ” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى “([17]).
2- معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالبيع فقد روي عن عمر t أنه قال : لاَ يَبِعْ في سُوقِنَا إلا من قد تَفَقَّهَ في الدِّينِ   ([18])
3- ترك الشبهات كالاتجار في سوق يختلط الحرام فيه بالحلال , وكالتعامل مع من أكثر ماله حرام , لقوله r : ” إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ “ ([19])
4- التصدق من مال التجارة لقوله r :” يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ “ ([20]) .



([1])  رواه مسلم .
([2])  رواه البخاري .
([3])  رواه البخاري .
([4]) الْكَنَفُ بِفَتْحَتَيْنِ الْجَانِبُ وَالْجَمْعُ أَكْنَافٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَاكْتَنَفَهُ الْقَوْمُ كَانُوا مِنْهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً .
([5])  أسباب فساد البيوع:1- تحريم عين المبيع.2- الربا. 3- الغرر. 4- الشروط التي تؤول إلى الربا أو الغرر.
([6])  وهو في القسم الثاني من مفردات المقرر .
([7])  رواه البخاري ومسلم .
([8])  شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص107
([9]) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح .وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي  ص146
([10]) قال النووي : قيل معنى لا يكلمهم أى لا يكلمهم تكليم أهل الخيرات وبإظهار الرضى بل بكلام أهل السخط والغضب وقيل المراد الاعراض عنهم وقال جمهور المفسرين لا يكلمهم كلاما ينفعهم ويسرهم. شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص116
([11])  رواه مسلم .
([12])  رواه البخاري ومسلم .
([13])  رواه البخاري ومسلم .
([14])  رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني .
([15])  رواه البخاري ومسلم .
([16]) رواه أحمد وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/159)
([17])  رواه البخاري .
([18]) رواه الترمذي.وقال حسن غريب (2/357)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي(1/151) .
([19])  رواه البخاري ومسلم
([20]) رواه أصحاب السنن . وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/4) 
المحاضرة الأولى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق