مواضيع المدونة

أخبار العربية

الخميس، 24 نوفمبر 2011

المحاضرة ( 13 ) من مقرر فقه 6


المراد بالنهي عن بيعتين في بيعة .

البيعتان في بيعة أحد البيوع المنهي عنها ، وقد ورد النهي عنها في ثلاث أحاديث : 
الأول : رواية أبي هريرة t قال: ”  نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ “ ([1])ومثلها رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:أن النبي r قال ” مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ وَلَا تَبِعْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ “ ([2])   ورواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما :”  نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ , وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ “ ([3])

الثاني : عن أبي هريرة t أن النبي r قال: ” مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوْ الرِّبَا “ ([4])
الثالث : عن ابن مسعود t قال : ” نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ “ ([5]) وفي رواية عنه ”  لَا تَحِلُّ الصَّفْقَتَانِ فِي الصَّفْقَةِ “ ([6]) وفي أخرى موقوفة ”  الصَّفْقَةُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ رِبًا “([7])
البيعتان لغة : مُثَنَّى الْبَيْعَةِ . وَالْبَيْعَةُ : اسم الْمَرَّةِ الواحدة من البيع .
والصَّفْقَةُ هي : المرة من الصَّفْقِ  , وهو في اللغة : الضرب الذي يسمع له صوت . يقال  صَفَقْتُهُ على رأسه صَفْقًا من باب ضَرَبَ ضَرَبْتُهُ باليد،وَصَفَقْتُ له بالبيعة أي ضَرَبْتُ بيدي على يده وكانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه،ثم استعملت الصفقة في العقد،فقيل :بارك الله لك في صفقة يمينك.
وتطلق الصفقة في الاصطلاح كذلك على البيعة وعلى غيرها من العقود , فالمرة من الإجارة صفقة , ومن القرض صفقة , وهكذا ويراد بـ " الصفقتين في صفقة " جمع صفقتين في عقد واحد , كأن يبيع بيته من فلان ويشتري منه دابته , على أنه إذا وجبت هذه وجبت الصفقة الأخرى , أو يبيع بيته من فلان ويستأجر منه دابته , على أنه إذا وجب البيع وجبت الإجارة . فاصطلاح ( الصفقتين في صفقة ) أعم من اصطلاح ( البيعتين في بيعة ) .
والبيعتان في بيعة في الاصطلاح قد اختلف العلماء فيها على أقوال :
قال ابن رشد الحفيد رحمه الله :" (قال أبو عمر) أي ابن عبد البر (وكلها من نقل العدول) أي أحاديث النهي عن بيعتين في بيعة (فاتفق الفقهاء على القول بموجب هذا الحديث عموماً) أي القول بالتحريم (واختلفوا في التفصيل أعني في الصورة التي ينطلق عليها هذا الاسم من التي لا ينطلق عليها)
(واتفقوا أيضاً على بعضها وذلك يتصور على وجوه ثلاثة) أي الصور المتفق عليها :
(أحدها: إما في مثمونين  بثمنين ).وهي الصورة الأولى .
(أو مثمون واحد بثمنين ). وهي الصورة الثانية .
(أو مثمونين بثمن واحد ،على أن أحد البيعين قد لزم ).وهي الصورة الثالثة .ثم بدأ في تفصيل هذه الصور (أما في مثمونين بثمنين) وهي الصورة الأولى ( فإن ذلك يتصور على وجهين :
أحدهما: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بثمن كذا على أن تبيعني هذه الدار بثمن كذا.
أي أن يشترطا بيعاً في بيع . وقد فسره بهذا الوجه الشافعي , فقال : هو أن يقول : بعتك هذه الفرس بألف على أن تبيعني دارك بكذا , أي إذا وجب لك عندي فقد وجب لي عندك .
قال الشوكاني : وهذا يصلح تفسيراً للرواية الأولى من حديث أبي هريرة t لا للأخرى , فإن قوله:” أَوْكَسُهُمَا “ يدل على أنه باع الشيء الواحد بيعتين : بيعة بأقل , وبيعة بأكثر .
وجعل منه مسروق ([8]) أن يقول : بعتك هذا الْبَزُّ ([9]) بكذا وكذا ديناراً تعطيني بالدينار عشرة دراهم , أي لأنه جمع بين بيع وصرف .
والثاني: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين.
أي يتم البيع على التخيير بين سلعتين بثمنين كقوله أبيعك هذا الكتاب بعشرة أو هذا القلم بخمسة مع الإلزام بأحد العقدين لا بعينه .
(وأما بيع مثمون واحد بثمنين فإن ذلك يتصور أيضا على وجهين ([10]):
أحدهما: أن يكون أحد الثمنين نقداً والآخر نسيئة مثل أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقداً بثمن كذا على أن أشتريه منك إلى أجل كذا بثمن كذا ) وهي صورة بيع العينة فالمحتاج باع سيارته بعشرة آلاف حاضرة ثم اشترى السيارة بعشرين إلى أجل والنتيجة أن السيارة رجعت إليه وقد أخذ عشرة آلاف وسيردها عشرين .
وهو ما قاله شيخ الإسلام في الفتاوى وابن القيم في تهذيب السنن : هو أن يقول : بعتك هذه السلعة بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك - أي بعد ذلك - بثمانين حالة وهي مسألة العينة .
قال ابن القيم : وهذا معنى الحديث الوارد في البيعتين في بيعة , وهو الذي لا معنى له غيره , وهو مطابق لقول النبي r : ” فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوْ الرِّبَا “ فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي , أو الثمن الأول فيكون هو أَوْكَسَهُمَا . وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها , ولا يستحق إلا رأس ماله . ووجه كونه من باب البيعتين في بيعة : أنهما بيعتان إحداهما بثمن مؤجل , والأخرى بثمن معجل , وقد   أُبْرِمَتَا في صفقة واحدة .
(وأما مثمونان بثمن واحد فمثل أن يقول له: أبيعك أحد هذين بثمن كذا) وقد فسره بهذا الوجه مالك فقال : هو أن يشتري سلعة بدينار أو بشاة , أو يشتري بدينار شاة أو ثوباً , قد وجب أحدهما للمشتري . قال الباجي : سواء كان الإلزام لهما أو لأحدهما .
وهناك أقوال أخرى لم يذكرها ابن رشد وهي :
الأول : وهو عند الحنفية وهو أعم الأقوال , إذ يدخل فيه أن يبيع داراً بشرط أن يسكنها البائع شهراً , أو دابة على أن يستخدمها  المشتري ولو مدة معينة , ونحو ذلك .
ووجه كونه من البيعتين في بيعة -كما في الهداية وفتح القدير- : أنه لو كانت الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن , بأن يعتبر المسمى ثمناً بإزاء المبيع , وأجرة بإزاء الخدمة والسكنى,يكون إجارة في بيع. ولو كان لا يقابلهما شيء يكون إعارة في بيع . ووجه كونه رباً : أن المشروط زيادة في العقد عارية عن العوض , وهو معنى الربا . ومثله عند الحنفية ما لو باع شجراً عليه ثمر , واشترط بقاء الثمر على الشجر مدة . ووجه منعه أنه يكون إجارة أو إعارة في بيع , فيكون من باب صفقتين في صفقة كذلك .
ويوافق الشافعية على أن هذا البيع ممنوع , وأن مثل هذا الشرط يفسد العقد , لأنه من باب البيع والشرط .
أما عند المالكية والحنابلة : فهو بيع جائز , حيث كانت المنفعة المشروطة معلومة . ([11])
الثاني : قال الخطابي : هو أن يشتري منه بدينار صاع حنطة سلماً إلى شهر , فلما حل الأجل , وطالبه بالحنطة , قال له : بعني الصاع الذي لك علي بصاعين إلى شهرين , قال الخطابي : فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول , فيردان إلى أوكسهما وهو الأول . ونقل هذا التفسير عن شرح سنن أبي داود لابن رسلان , ونقله ابن الأثير في النهاية , وواضح أن مثل هذا البيع باطل عند الجميع , لكونه بيع ربوي بجنسه متفاضلاً ونسيئة .
 فالبيعتان في بيعة عقد محرم , يأثم من يُقْدِمُ عليه لمخالفته النهي , وهو عقد فاسد , لكن الفقهاء يختلفون فيما يحكمون بفساده , بناء على اختلافهم في تعريفهم للبيعتين في بيعة.
ثم بدأ ابن رشد في بيان حكم كل صورة مما سبق  فقال :
(أما الوجه الأول ) من الصورة الأولى ( وهو أن يقول له: أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلام بكذا فنص الشافعي على أنه لا يجوز ) وقد صرح الحنفية والحنابلة بأن هذا من البيعتين في بيعة المنهي عنه ([12]) .
وهو عند الحنفية والشافعية أيضاً من باب البيع والشرط المنهي عنه في السنة النبوية . ([13])
( لأن الثمن في كليهما يكون مجهولاً ) أي في السلعتين (لأنه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثمن الذي اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد) أي أنه ربما تنازل أحدهما عن بعض الثمن من أجل أن يشتري السلعة الأخرى فإذا لم يتحقق البيع الثاني فإن الثمن الذي باع به لا يناسبه (وأصل الشافعي في رد بيعتين في بيعة إنما هو جهل الثمن أو المثمون ) .
ومن جملة ما يدخل في هذا النوع أيضاً : أن يبيع سلعة بدنانير ذهبية , ويشترط أن يسلمه الثمن دراهم بسعر صرف يتفقان عليه في عقد البيع نفسه ‑ وهو قول مسروق كما سبق ‑ 
قال ابن قدامة : وهذا باطل لأنه شرط في العقد أن يصارفه بالثمن الذي وقع العقد به , والمصارفة عقد , فيكون من باب البيعتين في بيعة , ثم قال : وجوزه مالك وقال : لا ألتفت إلى اللفظ الفاسد إذا كان معلوماً حلالاً , فكأنه باع السلعة بالدراهم التي يأخذها بدل الدنانير .


(وأما الوجه الثاني) من الصورة الأولى وهي مثمونين بثمنين (وهو أن يقول :أبيعك هذه السلعة) المثمن الأول ( بدينار) الثمن الأول (أو هذه الأخرى ) المثمن الثاني (بدينارين) الثمن الثاني ( على أن البيع قد لزم في أحدهما) أي تم البيع في أحدهما بلا تحديد ( فلا يجوز عند الجميع وسواء أكان النقد واحداً أو مختلفاً وخالف عبد العزيز بن أبي سلمة) من علماء المالكية ( في ذلك ) في هذا الوجه ( فأجازه إذا كان النقد واحداً أو مختلفاً وعلة منعه عند الجميع الجهل) لأن العقد تم على سلعة من سلعتين كما سبق في المثال هل العقد وقع على الكتاب أو
 القلم (وعند مالك من باب سد الذرائع لأنه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين فيكون قد باع ثوباً وديناراً بثوب ودينار وذلك لا يجوز على أصل مالك ) وهو في باب الربا اتحاد الجنس والمنفعة .فلا يصح عند مالك بيع ما اتفق صنفه ومنفعته بعضه ببعض نسيئة .
( وأما الوجه الثالث ) لعله الوجه الثاني من الصورة الثانية وهي بيع مثمن واحد بثمنين  ( وهو أن يقول له أبيعك هذا الثوب نقدا بكذا )  أي أن يبيع الرجل السلـعة فيقول : هي نقداً بـ  (5000 ) ( أو نسيئة بكذا )  أي بـ (7000 ) أي بثمن أكثر من الثمن الأول( فهذا إذا كان البيع فيه واجباً )  أي تم العقد بينهما بدون تحديد (فلا خلاف في أنه لا يجوز ) وذلك لما يأتي :
1- الجهالة في الثمن وعدم استقراره .
قال ابن قدامة : لأن الثمن مجهول فلم يصح , كالبيع بالرقم المجهول , ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم , فلم يصح , كما لو قال : بعتك إحدى دوري .... وإنما يصح إذا قال المشتري بعد ذلك : أنا آخذه بالنسيئة بكذا , فقال البائع : خذه , أو قد رضيت , أو نحو ذلك , فيكون عقداً كافياً . أما إن لم يوجد ما يقوم مقام الإيجاب أو يدل عليه فلا يصح,لأن ما مضى من القول - أي على الترديد والإبهام - لا يصلح أن يكون إيجاباً .
2- أن في ذلك ربا , والتعليل بهذه العلة مستند إلى بعض الروايات عن ابن مسعود t , ففيها : ”  الصَّفْقَةُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ رِبًا “وحديث أبي هريرة t : ” فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوْ الرِّبَا “.
وقد علل بهذه العلة الإمام مالك وشيخه ربيعة وسائر المالكية . فقد جاء في المدونة في تفسير ما كره من ذلك : أنه إذا ملك ثوباً بدينار نقداً أو دينارين إلى أجل , تأخذه بأيهما شِئْتَ وَشِئْتُ أَنَا , فقد وجب عليك أحدهما .فهذا كأنه وجب عليك بدينار نقداً , فأخرته فجعلته بدينارين إلى أجل , أو فكأنه وجب
عليك بدينارين إلى أجل فجعلتهما بدينار نقداً . ([14])
فإذا باع سلعة بألف حالة أو ألف ومائة إلى سنة , وقد وجب عليه أحدهما , فإن عينا أحد الثمنين قبل الافتراق جاز البيع .
قال ابن رشد ( وأما إذا قال أشتري منك هذا الثوب نقداً بكذا على أن تبيعه مني إلى أجل )
هذا هو الوجه الأول من الصورة الثانية وهي بيع مثمن واحد بثمنين  (فهو عندهم لا يجوز بإجماع لأنه من باب العينة وهو بيع الرجل ما ليس عنده ويدخله أيضاً علة جهل الثمن )
وهذا النوع أيضاً بيع فاسد عند كل من يرى بطلان بيع العينة ,وهم الجمهور .
فالذين قالوا بتحريم بيع العينة قالوا : يحرم ذلك ويفسد إذا وقع , سواء وقع البيع الثاني اتفاقاً , أو تواطآ عليه عند العقد الأول . فإذا وقع على أساس اشتراط العقد الثاني في العقد الأول فهو أولى بالتحريم والفساد .
أما الذين أجازوا بيع العينة - ومنهم الشافعي وأصحابه - فيحرم هذا البيع عندهم كذلك , ويفسد , إذا كان باشتراط وهو عندهم من البيعتين في بيعة المنهي عنه , ومن البيع أو الشرط كذلك .
(وأما إذا قال له أبيعك أحد هذين الثوبين بدينار وقد لزمه أحدهما أيهما يختار وافترقا قبل الخيار) فحكمه كما سبق بيانه .


([1]) رواه الترمذي والنسائي .
([2]) رواه الترمذي .
([3]) رواه أحمد والترمذي .
وقال الترمذي : وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم.
([4]) رواه أبو داود وحسنه ابن تيمية في الفتاوى والألباني في صحيح سنن أبي داود.
([5]) رواه أحمد .
([6]) رواه البزار والطبراني .
([7]) رواه الطبراني .
([8]) مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني من كبار التابعين توفي رحمه الله سنة 63 هـ .
([9]) الْبَزُّ  : متاع البيت من الثياب خاصة وقيل : رَجُلٌ حَسَنُ الْبَزِّ : أي الثياب
([10]) لم يذكر المصنف رحمه الله إلا وجهاً واحداً  ولعل الوجه الثاني هو ما ذكره عند بيان حكم كل صورة .
([11]) سوف يأتي تفصيل المسألة عند دراسة الشروط في البيع  .
([12]) ينبغي التفريق بين هذه الحالة المبينة أعلاه,وبين أن يبيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد,كما لو باع دابة وداراً بألف دينار , فإن هذا جائز اتفاقاً وليس من البيعتين في بيعة . وكذا لو باع الدار بدابة وألف دينار .
 أو جمع بين بيع وإجارة بعقد واحد وهي على القول الصحيح في مسألة تفريق الصفقة .
([13]) سوف يأتي تفصيل المسألة عند دراسة الشروط في البيع  .
([14]) جاء في المدونة (( قلت : أرأيت إن اشتريت جاريتين هذه بخمسمائة وهذه بألف على أن أختار إحداهما ؟ قال : قال مالك : لا يصلح هذا البيع إذا كان يأخذهما على أن إحداهما قد وجبت له إن شاء التي بخمسمائة وإن شاء التي بألف ؟ قال : قال مالك : فإن كان أخذهما على أن ينظر إليهما إن أحب أن يأخذ أخذ وإن أحب أن يترك ترك , والبائع أيضاً , كذلك لا يلزمه شيء من البيع إن أحب أن يمضي أمضى , وإن أحب أن يرد رد فلا بأس بهذا ,  وإن أخذهما على أن البيع في إحداهما لازم للمشتري أو للبائع فلا خير في ذلك عند مالك . قلت : ولم كرهه مالك ؟ قال : لأنه كأنه فسخ هذه في هذه أو هذه في هذه , فلذلك كرهه من قبل الخطر فيهما لأنه لا بد من أن تكون إحدى السلعتين أرخص من صاحبتها فهو إن أخطأ المشتري فأخذ الغالية كان قد غبنه البائع وإن أخذ الرخيصة كان المشتري قد غبن البائع وهو من بيعتين في بيعة , وإنما مثلهما مثل سلعة واحدة باعها بثمنين مختلفين مما يجوز أن يحول بعضها في بعض بدينار وثوب أو ثوب وشاة قد وجب عليه أن يأخذ أيهما شاء ؟ قال مالك : لا خير فيه لأنه لا يدري بما باع ولأنه من بيعتين في بيعة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق